حرب السكاكين – القدس تنتصر

باسمة عيسى – إعلامية و كاتبة صحافية

نعم تنتصر ، بدأت ارهاصات الانتفاضة الفلسطينية المقدسية الثالثة و هي ما عرفت بثورة السكاكين بعد المحاولات المتكررة لجنود العدو الاسرائيلي و المستوطنين المتطرفين في الآونة الاخيرة ، لتدنيس المسجد الاقصى ، هذه المحاولات التى لم يقابلها تحرك فلسطيني حكومي مرافق لخطورة الحدث ، ولا تحرك عربي و هو المستبعد بكل الاحوال ، وليس جديدا الصمت الدولي ، و كأن الحديث عن القدس و فلسطين بات من المحرمات او المنسيات ، كل هذا الصمت أثار غيرة و غضب الفلسطينيين الذين قرروا كما كل مرة ان يخوضوا المعركة على طريقتهم الخاصة ، فكانت انتفاضة السكاكين.
اذاَ ، هم الشباب الفلسطيني الثائر على كرامته ، فلسطين تنتصر لنفسها في مشهد يكاد يكون فيلما هوليوديا و لكنه بأنامل مقدسية بحت ، أمٌ تصفق و تزغرد لشهادة طفلها الذي لم يبلغ 15 ربيعا ، شباب يتسلحون بالايمان و الجرأة و الخفة و القوة و حجارة باليد او سكين يغسل بالدم عار امة صمتت لتدنيس مقدساتها ، شابات جميلات متعلمات محتشمات ، يهززن الارض بخطواتهن الملكية الواثقة ، اطفال لم يبلغوا سن النضج يحملون في صدورهم قلوب اسود عابسة محدقة بلهفة الى عدوها ، هؤلاء جميعا هم عنوان انتفاضة السكاكين في القدس و الضفة و غزة و مناطق اخرى من الاراضي الفلسطينية.
هذه النظرة هي جزء من الحالة الفلسطينية الراهنة ، و لكن كيف ينظر الغرب الى ما يحدث ؟
تساءلت صحيفة ذي اندبندنت البريطانية عن معنى الانتفاضة و تداعياتها على المستوى الاقليمي ، و خرجت بنتيجة مفادها ان ما يحصل في فلسطين هدفه زعزعة استقرار القوة الاسرائيلية من اجل نيل الاستقلال ، هذه النظرة تدفعنا للتساؤل ، هل الارضية الفلسطينية الحكومية اليوم قابلة لولادة أوسلو جديد من زاوية تهدئة الاوضاع ، و ان كانت قابلة هل الشارع الفلسطيني المنتفض سيسمح بإتفاقيات تهدئة مقابل ايقاف عملياته التي لا يمكن وصفها الا بالاستشهادية ؟ ربما اسئلة كثيرة تجيبنا عليها الايام القادمة مع ارتفاع وتيرة عمليات الطعن التي ينفذها الشباب الفلسطيني الاعزل .
ان ردود الافعال المتوقعة من جيش العدو تجاه هؤلاء الشباب الاستشهاديين لم تفاجئ احد ، بل زادت الطينة بلة ، رصاص مطاطي و آخر حي جاهز مهيأ ينتظر ضغطة على الزناد ، ان تتهجم المستوطنة الاسرائيلية على شابة فلسطينية محاولة خلع حجابها شئ ، و ان تُقتل شابة فلسطينية بتهمة اخفائها سكين تحت نفس الحجاب شئ آخر ، و ان كانت المسببات واحدة ، بغض و حقد يعميان نظر و قلب الاسرائيلي ، ان يشتم طفل ينزف في الطرقات بعد اطلاق النار عليه لنفس التهمة الكاذبة و هي اخفاؤه سكين تحت ملابسه شئ ، و ان يشتم و يمثل بجثه طفل آخر قتل بدم بارد اما رفاقه للتهمة ذاتها و هي محاولته طعن مستوطن شئ آخر ، و ان كانت الدوافع واحدة ، كره و نفسيات مدمرة يعيشها الاسرائيلي المستوطن في فلسطين ، هذا هو المشهد الفلسطيني اليومي ، ادعاءات و اكاذيب اسرائيلية تجاه اطفال يصبون عليهم نيران حقدهم مقابل صمود و عنفوان فلسطيني ، قل ما نجد له مثيل ، من يراقب عن بعد يشعر بهول الحدث ، و لكن ماذا يقول من هو في قلب الحدث ؟
نعم انها انتفاضة السكاكين ، انهضي يا فلسطين ، انفضي عنك الغبار و تحلي بالصبر ، فإن ربيعك المزهر آت ، آت ، آت .