الجواسيس العراقيون… هل من رادع يوازي جرمهم؟

بقلم: المهندس رسول العذاري
لم يكن تزامن الأحداث مصادفة. بعد أن قصفت إيران قاعدة العديد الأمريكية في قطر، في تطور غير مسبوق ضمن التصعيد المفتوح مع إسرائيل، شهد العراق خلال ساعات تعطيلًا ممنهجًا لعدد من الرادارات والمنظومات الدفاعية في مناطق حساسة. هذا التوقيت لا يحتمل البراءة، بل يشير إلى وجود اختراق استخباري من الداخل، قد يكون على صلة مباشرة بأجهزة معادية، وعلى رأسها جهاز الموساد الإسرائيلي.
ليست هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها العراق لاختراق أمني خطير، لكن الجديد هو السياق الزمني الذي يربط الحدث العراقي بالتصعيد الإقليمي، خصوصًا بعد أن أثبت الموساد قدرته على اختراق منظومات إيران الأكثر تحصينًا، وشن عمليات دقيقة طالت منشآت حساسة، بل واستخدام طائرات مسيّرة من داخل الأراضي الإيرانية نفسها.
في العراق، تتكرر النتيجة وإن تغيّر الأسلوب: ضرب رادارات حصل عليها العراق بشق الانفس حسب تصريحات المسؤولين العراقيين، تسريب مواقع، وربما تحضير لهجمات قادمة. وما كان ذلك ليحدث لولا وجود أدوات بشرية داخلية، تغذي هذه الأجندات تحت دوافع مختلفة؛ بعضها مالي، وبعضها طائفي، وآخر سياسي.
السؤال الآن: هل تملك الدولة العراقية الإرادة والقدرة على محاسبة هؤلاء الجواسيس بما يوازي جرمهم؟ أم أن الخيانة أصبحت ملفًا مرنًا، يخضع للتسويات والتبريرات؟
إن الجاسوس لا يُعامل كصاحب رأي، ولا يُغفر له إن انتمى لجهة نافذة. إنه شريك في تدمير الوطن، ويجب أن يُحاسب كخائن علني مهما كانت دوافعه.
السكوت عن هؤلاء لم يعد تهاونًا، بل تواطؤًا ضمنيًا، سيدفع العراق ثمنه أمنًا وسيادةً ومستقبلًا.



