لبنان و معضلة الرئاسة منذ الاستقلال

باسمة عيسى / اعلامية و كاتبة صحفية

مر لبنان الجميل بظروف امنية داخلية حتمت عليه المواجهه السياسية و العسكرية و الاعلامية و أثرت تلك الظروف بطريقة او بأخرى على الخطاب الاعلامي في بعض الحالات ، كما أثرت على الحياة السياسية بشكل عام و ترتب على ذلك تحولات اخرى منها اقتصادية و اجتماعية ، بدءً من مرحلة ما بعد الاستقلال في 22 نوفمبر 1943 حتى يومنا هذا . و لعل اهم الاحداث التي مرت بلبنان منذ الاستقلال و التى كانت احدى نتائجها ظهور احزاب و تحالفات سياسية صنعت لنفسها منابر اعلامية بشكل مباشر او غير مباشر ، نذكر احداث عام 1958 في عهد الرئيس كميل شمعون الذي خلف الرئيس بشارة الخوري اول رئيس للبنان بعد الاستقلال ، و الذي خلفه بدوره الرئيس فؤاد شهاب من العام 1958 حتى 1964 ، و من بعده الرئيس شارل حلو من العام 1964 حتى العام 1970 ، ثم نتدرج بأهمية الاحداث لنقف عند الحرب الاهلية اللبنانية ما بين عامي 1975 و 1990 في عهد الرئيس سليمان فرنجية الذي تولى الرئاسة عام 1964 و بقي في منصب الرئاسة حتى انتهاء مدته الدستورية عام 1976، ثم خلفه الرئيس إلياس سركيس حتى العام 1982 الذي شهدت فترة حكمه الاجتياح الإسرائيلي للبنان في السادس من حزيران 1982 و التي انتهت بشكلها المعترف به عام 1985 الا ان نهايتها الفعلية سجلت عام 2000 بعد انسحاب آخر جندي اسرائيلي من الجنوب اللبناني. نبقى في الرئاسة حيث خلف الرئيس الياس سركيس ، الرئيس بشير الجميل الذي اغتيل قبل تسلمه منصبه في 14 سبتمبر عام 1982 و الذي خلفه اخاه الرئيس امين الجميل حتى العام 1988 ، ثم تم التصويت على انتخاب رينيه معوض رئيسا للجمهورية و الذي استمر في منصبه اثنا عشر يوما قبل اغتياله و تولي الرئيس إلياس الهرواي المنصب ليصبح الرئيس العاشر للجمهورية اللبنانية و الذي استمرت ولايته تسع سنوات حتى العام 1998 بعد ان مدد له مجلس النواب ، و شهدت فترة رئاسته نهاية الحرب الاهلية ، ثم تبعه الرئيس اميل لحود الذي تولى الرئاسة في لبنان مدة تسع سنوات بعد ان مدد له لفترة رئاسية ثانية انتهت في نوفمبر 2007 ، و يذكر انه في عهد الرئيس اميل لحود وقعت احداث غيرت مجرى الحياة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية في لبنان منها اغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري و حرب تموز عام 2006 ، و يذكر ان الرئيس اميل لحود غادر القصر الرئاسي تاركا الفراغ الرئاسي خلفه في 23 نوفمبر 2007 ، حتى تم التوافق بعد ستة اشهر على الرئيس ميشال سليمان في ايار 2008 و الذي استمر الى ان انتهت مدة رئاسته في ايار 2014 .
في استعراض سريع لفترات الحكم في لبنان منذ الاستقلال يلاحظ المراقبون نشوء احزاب سياسية تحت مسميات مختلفة كانت طرفا بارزا في معظم الاحداث ، و لعل اجازة القانون اللبناني بإنشاء الاحزاب السياسية افسح المجال واسعاً لتعدد الاحزاب و تعدد انتماءاتها حتى صار كل حزب يعبر بطريقة او بأخرى عن طائفة معينة او جهة سياسية داخلية او خارجية ما ، و ان اخطر ما يمكن الحديث عنه منذ عشر سنوات حتى اليوم انقسام القوى و الاحزاب اللبنانية الى ما عرف ب الثامن و الرابع عشر من آذار و التى تشكلت عقب اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005 و لاتزال تداعيات الحدث مستمرة حتى يومنا هذا .
في لبنان لدينا نظام سياسي جمهوري توافقي ديمقراطي ، هذا كما جاء في الدستور ، و هذا النظام يسمح بالتعددية الطائفية و بالتمثيل القائم على مبدأ الفصل في السلطات الثلاث ، التشريعية و التنفيذية و القضائية ، كما يكفل الدستور اللبناني حرية المساواة و التعبير عن الرأي و حرية ممارسة الشعائر الدينية . في لبنان يتم اختيار اعضاء البرلمان البالغ عددهم 128 عضو ، عن طريق الاقتراع السري مرة كل اربع سنوات في حين يصوت البرلمان على رئيس للجمهورية كل ست سنوات لفترة رئاسية واحدة . و وفقا للميثاق الوطني الموقع عام 1943 و الذي ينص على حتمية ان يكون رئيس الجمهورية اللبنانية مسيحي ماروني ، يرقد لبنان منذ سنة و 6 اشهر بدون رئيس ، تعددت الاسباب و الهدف التوافقي الواحد منعدم ، كل فريق سياسي يريد رئيسا على مقاسه و حساباته و بحسب رؤيته التي يجدها الاصلح للتطبيق ، هل ننتظر سنة ثانية او ربما سنوات او تحمل لنا الايام المتبقية من العام الحالي مفاجأة تغير مجرى الحياة السياسية اللبنانية تبعا للتغيرات الاقليمية الحاصلة و التى بالتأكيد اثرت و تؤثر و ستؤثر على اختيار اسم رئيس الجمهورية اللبنانية الثالث عشر بعد الاستقلال .