ماذا حصل للكويتية التي هددت "بتفجير نفسها"؟

نورا تحمل اللافتةمصدر الصورة
Facebook

Image caption

نورة الشمري في آذار/مارس 2018

جلست الكويتية نورة الشمري أمام مبنى البورصة في عاصمة بلدها وهي تحمل لافتة كتبت عليها: “لا تقترب مني وإلا ستنفجر معي. إذا كانت لديك أم أو أخت أو زوجة أو ابنة كويتية بادر بتصويري وانشر قضيتي للعالم”.

اقتادتها فورا الجهات الأمنية إلى مركز الشرطة وأخضعتها لتحقيقات بسبب ادعائها حمل متفجرات، وأصبح حينها، في شهر آذار/مارس، هاشتاغ #نورة_الشمري الأكثر تداولا في الكويت.

لكن نورة لم تكن تحمل أي متفجرات، وأفرج عنها.

القضية التي طلبت من العالم أن يلتفت لها كانت تتعلق بما مرت به من معاناة أثناء محاولة الوصول إلى حقها في السكن بعد طلاقها.

كويتية تهدد بتفجير نفسها احتجاجا على التحديات التي تواجه النساء والمطلقات في البلاد

بعد ستة أشهر على الحادثة، التقيت نورة التي قالت: “كل ما كنت أقصده أنني سأنفجر قهرا لشدة ما أعانيه”.

وأضافت: “كان كل الاهتمام أثناء التحقيق عبارة ستنفجر معي والتي توقعت بسببها السلطات الأمنية أنني أحمل المتفجرات. استمر التحقيق لمدة 12 ساعة متواصلة حتى تم التأكد من أني لا أحمل أي متفجرات. لم يهتم أحد بالقضية التي حاولت تسليط الضوء على معاناتي بسببها”.

مصدر الصورة
@Bedour alMtairi

Image caption

نورة الشمري

“هناك الآلاف” من نورة

لم تجد نورة وسيلة أخرى لتنقل معاناتها سوى حمل هذه اللافتة.

تطلقت نورة منذ 13 عاما وأصبحت مسؤولة عن حضانة أبنائها لذا أصبح جل تفكيرها وجهدها محصورا في الحصول على سكن ملائم لهم، وهي الآن في الأربعينيات من عمرها.

لكن أصحاب العقارات يرفضون السماح “لامرأة لا رجل معها” استئجار مسكن، كما أن غلاء الإيجارات جعل من الصعب جدا الوصول إلى سكن “محترم” يليق بعائلة كويتية صغيرة لها ولأبنائها.

تمنح السلطات الرجل المتزوج قرضا من بنك الإئتمان الحكومي مع أرض لإقامة بناء عليها، أو بإمكانه أن ينتظر منزلا حكوميا بقسط مخفض جدا.

لكن الأمر ذاته لا ينطبق على المواطنة الكويتية في حال زواجها من غير كويتي.

كما أن الكويتية في حال طلاقها تواجه مشكلة كبيرة إذا استبدل طليقها اسمها كشريكة في المنزل الحكومي باسم زوجته الجديدة. وهذا ما حصل مع نورة.

أعيت الإيجارات الباهظة نورة والتهمت 70 بالمئة من الراتب الذي تأخذه من التأمينات الاجتماعية بعد وفاة والدها الذي كان قد تقاعد من عمله؛ فهي تسكن اليوم في بيت صغير مع ابنتيها معتمدة على هذا الراتب. وزاد الأمر سوءا أنها لم تكمل تعليمها وبالتالي فإن أي وظيفة ستحصل عليها ستكون أقل من راتب والدها المتوفى.

تقول نورة: “هناك الآلاف مثلي في الكويت ولكنهن لا يظهرن في الإعلام ويعانين بصمت”.

العادات والتقاليد والخجل من الظهور الاعلامي تمنع الكثيرات من النساء اللاتي يواجهن نفس المشكلة من الحديث لذا يبقين صامتات يعانين دون ان يلتفت لهن أحد.

مصدر الصورة
@Bedour alMtairi

Image caption

في مدينة الكويت

“ذنبي أني امرأة”

لا ينكر مسؤولون الظلم الواقع على فئة من الكويتيات في الحصول على حقهن في السكن.

يقول صالح عاشور، نائب ومقرر في لجنة المرأة والأسرة في مجلس الأمة: “قبل عام 1990، كانت الكويتيات يحصلن على سكن ملك من الحكومة في حال طلاقهن أو زواجهن بغير كويتي ولكن حكومة 1992 قامت بإزالة جميع هذه الحقوق”.

عام 2010 أقر مجلس الأمة الكويتي تعديلات على قانون الرعاية السكنية لمواطنيه وأصبح بإمكان فئات من الكويتيات (الأرامل، والمطلقات اللاتي أنجبن) الحصول على قروض إسكان.

واستفادت عدد من المطلقات والأرامل من هذا التعديل، وبعد سنوات جرى تعديل جديد وتمت زيادة القرض السكني مساواة بالرجل ليبدأ من 45 الف دينار ( 148 ألف دولار) إلى 70 ألف دينار(230 ألف دولار) كحد أقصى .

لكن نساء كثيرات لم يشملهن التعديل وهن اللواتي لم يتزوجن وبلغن الأربعين عاما، إلى جانب المطلقات اللاتي لم ينجبن.

وبما أن نورة امرأة مطلقة ومعها أولادها فهذا يعني أنها مشمولة بالتعديلات القانونية على ما يسمى “الرعاية السكنية”، ومع ذلك رفعت تلك اللافتة ووصلت درجة الإحباط في العثور على مسكن.

تقول نورة إنها حاولت التقدم بطلب إسكاني ولكنها واجهت مشكلتين: إن تقدمت للحصول على بيت شعبي مخفض الإيجار – فهذا يعني أن اسمها سيكون على لائحة انتظار طويلة، إضافة إلى أن العديد من البيوت الشعبية تقع في مناطق قديمة ينظر لها على أنها بيئة يصعب العيش فيها.

وتضيف أن خيارها الثاني هو الحصول على قرض حده الأقصى 70 ألف دينار (230 الف دولار) في حين أن أدنى سعر لشقة سكنية متوفرة للبيع هو ضعف هذا المبلغ.

“شد وجذب” في الحكومة

تقول تقارير إعلامية إن اللجان البرلمانية في مجلس الأمة كاللجنة الإسكانية ولجنة المرأة والأسرة لديهما عديد من الاقتراحات والتعديلات لضمان تفعيل قانون توفير سكن للمرأة الكويتية، إلا أنها لا تزال بحالة شد وجذب مع بعض الجهات الحكومية.

وتتضمن هذه الاقتراحات توفير سكن منخفض التكاليف لكن النساء اللاتي لم يحصلن على مسكن، وتخفيف الشروط المقيدة للحصول على هذا الحق.

فضّلت وزيرة الاسكان د. جنان بوشهري عدم الظهور الإعلامي عند محاولة الاستفسار عن مستجدات هذه المقترحات.

نورة أم لخمسة أبناء، لكن ما واجهته أثناء محاولة إيجاد سكن وغلاء المعيشة دفعت ثلاثة من أبنائها لطلب البقاء مع والدهم، في حين بقيت بنتان معها.

“كل ما أريده هو حقي في السكن. أصبت بالاكتئاب. الإيجارات مرتفعة جدا ولا يبقى من الراتب سوى ما يكفي لكي أعيش. لا أعلم أي مستقبل ينتظرني. كل ذنبي أنني امرأة”، كما تلخص نورة الأمر.

اترك رد