ميناء الفاو.. والفرصة الغائبة بين المطار والميناء

أكد الخبير الاقتصادي منار العبيدي أن مشروع ميناء الفاو الكبير يمثل إنجازاً وطنياً مهماً، إلا أن استثمار إمكاناته يتطلب رؤية شمولية تدمج منظومة النقل الجوي مع البحري لتشكيل قاعدة لوجستية متكاملة قادرة على المنافسة إقليمياً ودولياً.
وقال العبيدي تصريح صحفي إنه “قبل أيام سنحت الفرصة لزيارة محافظة البصرة لحضور قمة الأعمال العراقية وفعالية بعنوان ميناء الفاو.. بوابة العراق للاستثمار، وما شاهدته هناك كان مدهشاً من حيث حجم الإنجاز في البنى التحتية والمرافق الحديثة وآلية التنفيذ التي تعكس عملاً جاداً يستحق الإشادة”.
وأضاف أن “اللافت قبل الوصول إلى الميناء كان مروري بمطارَي بغداد والبصرة الدوليين، إذ يُعدّان من أكبر المطارات في المنطقة من حيث المساحة المخصصة للشحن الجوي، فقد صُمما ليكونا منصتين لعمليات إعادة التصدير والترانزيت، نظراً لموقعهما الجغرافي الذي يربط الشرق بالغرب، إلا أن الواقع الحالي لا يعكس هذه الإمكانات”.
وأوضح العبيدي أن “حجم الشحن الجوي في مطار بغداد خلال عام 2023 لم يتجاوز 21 ألف طن، فيما سجل مطار البصرة نحو 5 آلاف طن فقط”، مشيراً إلى أن “هذه الأرقام تتراجع كثيراً عند مقارنتها بالمطارات الإقليمية والعالمية، حيث سجل مطار دبي الدولي أكثر من 2.2 مليون طن عام 2024، ومطار إسطنبول الدولي نحو 2 مليون طن، ومطار أبو ظبي حوالي 700 ألف طن، ومطار عمّان الدولي قرابة 75 ألف طن، فيما بلغ حجم الشحن الجوي في مطار أربيل 19 ألف طن ومطار السليمانية 3 آلاف طن”.
وبيّن أن “هذه المقارنة تكشف فجوة كبيرة بين القدرة على بناء البنى التحتية وبين القدرة على تشغيلها بكفاءة ضمن نظام تنافسي مرن قادر على اقتناص الفرص وفهم السوق الحقيقي”، مشدداً على أن “العراق رغم امتلاكه مطارات مجهزة وبنى تحتية متكاملة، لم يتمكن من منافسة المطارات الإقليمية أو حتى المحلية بسبب غياب الرؤية والآليات والأهداف والقيادة التي تحول الإمكانات إلى إنجاز”.
وتابع العبيدي: “من يعتقد أن العراق سينجح في دخول سوق العمليات اللوجستية بين الشرق والغرب من خلال البنية التحتية وحدها فهو واهم، ومن يظن أن العقلية الحكومية التقليدية قادرة على منافسة موانئ ومطارات المنطقة فهو واهم أيضاً، ومن يتصور أن البيروقراطية الحالية يمكن أن تبني تنافسية حقيقية فهو أكثر وهماً”.
وأشار إلى أن “تحقيق موقع متقدم لميناء الفاو في المنظومة الإقليمية يتطلب أولاً تمكين المطارات العراقية الكبرى لتأخذ دورها الطبيعي في منظومة النقل والشحن الجوي، بدلاً من ترك الساحة لمطارات صغيرة محدودة القدرات تسيطر على هذا القطاع الحيوي”.
وختم الخبير الاقتصادي منار العبيدي بالقول إن “الأهداف الكبيرة جميلة في ظاهرها، لكن إن لم تُرسم برؤية متكاملة ونظام تشغيلي فعّال، فستبقى مجرد أحلام مؤجلة سرعان ما تتلاشى مع أول أزمة تواجهنا”.