هالله هالله عل الجد… والجد هلله هلله عليه

بقلم المهندس رسول العذاري
لابد لنا كشعوب، وخصوصًا كدول عاشت ويلات الحروب والتدخلات، أن نتعلّم من الأحداث الجارية لا أن نكتفي بمشاهدتها كمجرد أخبار عابرة. وما الحرب الإيرانية الإسرائيلية إلا واحدة من أبرز هذه الأحداث التي يجب أن تُقرأ بعين واعية ومسؤولة، لأنها تكشف حجم التحوّل في أدوات الحروب الحديثة، وتعري هشاشة جيوشٍ كثيرة ما زالت تعيش في عقلية الحروب القديمة.
من يتابع ما جرى ويدقق في نوعية السلاح المستخدم وفعاليته، يدرك أن زمن الكثرة العددية والشرح التقليدي للسلاح الفردي قد ولّى. فلم يعد الجيش القوي هو ذاك الذي يستعرض آلاف الجنود في عرض عسكري، بل هو الجيش القادر على إدارة حرب إلكترونية، وعلى إسقاط طائرة شبح، وعلى تنفيذ ضربة دقيقة عن بعد مئات الكيلومترات، دون الحاجة إلى حشدٍ بشري أو استنزاف دموي.
نحتاج إلى جيش متطور بالتكنولوجيا لا بالعدد، وإلى تدريب نوعي متقدم لا يقوم على العريف الذي يشرح كيف تفكك الكلاشنكوف، وكأننا في معسكر صيفي. نحتاج إلى قوة جوية رادعة، دفاعات سيبرانية ذكية، صواريخ دقيقة، وعيون استخبارية رقمية. والأهم من ذلك كله، نحتاج إلى جيش يحمل عقيدة وطنية صافية، لا طائفية ولا عرقية، لأن الولاء إذا تفتّت، تفككت معه كل الأسلحة مهما كانت متطورة.
العبرة الآن أمامنا، واضحة وصريحة. فلم تعد الدول تُقاس بمساحة أراضيها أو بعدد سكانها، بل بقدرتها على الردع وعلى حماية سيادتها بأقل الخسائر. فهل آن لنا أن ندرك أن بناء الجيش الحديث يجب أن يكون أولوية لدى السلطات الثلاث؟ هل آن أوان الجد لكي نؤسس دولة قوية محمية بسلاح محترف وعقيدة نقية؟
قالها أجدادنا من قبل بحكمة شعبية تلخص المعنى كله:
هالله هالله عل الجد… والجد هالله هالله عليه.
فمتى نأخذها على محمل الجد فعلًا، لا قولًا؟