مقالات

يوم وعي عظيم وشهادةخالدة

بقلم المهندس رسول العذاري

أعظم الله لنا ولكم الأجر بمصاب سيد شباب أهل الجنة، سبط النبي الحسين بن علي عليهما السلام، وأهل بيته الأطهار وأصحابه الأوفياء.
إنه يوم أليم على قلوب المؤمنين، لكنه في جوهره ليس يوم حزن فحسب، بل يوم وعيٍ عظيمٍ وشهادة خالدة، يوم ارتفعت فيه راية الحق خفاقة في وجه الظلم، فصار الحسين ليس شخصًا فقط، بل رمزًا للكرامة والعدل والحرية في ذاكرة الأمة وضمير الإنسانية.

لقد وقف الحسين عليه السلام ليقول “لا” في وجه سلطة استبدادية أرادت أن تُفرغ الإسلام من روحه، وتحوّل الخلافة إلى ملكٍ يتوارثه الطغاة، يُذلّ فيه الإنسان، وتُزهق فيه الأرواح لأجل شهوة الحاكم. فخرج الحسين لا طلبًا لسلطة، ولا حبًا في الدنيا، بل ليُعلّم الناس أن الإنسان يجب أن يُحترم، وأن دمه ليس رخيصًا، وأن رأيه ليس جرمًا، وأن العدل لا يُؤجل، وأن الحق لا يُهادن.

في كربلاء، لم تكن المعركة بين جيشين، بل كانت معركة بين قيم:
قيمة تُعلي من حرمة النفس وكرامة الإنسان، مقابل عقلية تقتل باسم الطاعة وتغتال الحق تحت ستار وحدة الجماعة.

الحسين عليه السلام لم ينتصر عسكريًا، لكن دمه انتصر على السيف، وصار استشهاده رمزًا تتوارثه الأجيال، بينما اندثر قاتلوه وأصبحوا وصمة عار في صفحات التاريخ. ولو أنه لم يُستشهد، لربما عاش خمس سنوات أو عشرًا، لكن هل كان سيصير الحسين الذي نعرفه اليوم؟ هل كان سيصبح شعلةً تهدي المظلومين في كل عصر ومكان؟

إن عظمة الحسين ليست فقط في موته، بل في معنى موته. لقد علّمنا أن الحياة بلا كرامة لا تُطاق، وأن الصمت على الظلم خيانة للحق، وأن التضحية من أجل المبادئ هي الباقية، أما العروش فإلى زوال.

فسلامٌ على الحسين يوم وُلد، ويوم استُشهد، ويوم يُبعث حيًا…
وسلامٌ على كل من سار على دربه، ورفض الذل، وأحب الحق حتى آخر قطرة من دمه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى