كن جوادًا أصيلاً

كتب : مهند الصالح
في الحياة كثيرًا ما نصادف أشخاصًا يحملون صفات مؤذية كالكذب والخيانة والنفاق والغدر، وهي صفات قد تدفع الإنسان إلى تغيير نفسه، فيحاول أن يساير المجتمع بقسوته ومكره ليحمي قلبه من الألم والصدمات. لكن هل يستحق الأمر أن نُغيّر ما نحن عليه لأجل من لا يستحقون؟ هل يجب أن نفقد جوهرنا النقي لأن بعض الحشرات حاولت أن تلسعنا؟
هنا تبرز هذه المقولة البليغة:
“قد تلسع الحشرة جوادًا أصيلاً، ولكن الحشرة تبقى حشرة، ويبقى الجواد أصيلاً.”
فهي تختصر الحكمة كلها في كلمات قليلة. قد تؤذينا المواقف، وقد تجرحنا التصرفات، وقد تخدعنا الوجوه، لكننا لسنا مضطرين لأن نتخلى عن أصالتنا وشرفنا وأخلاقنا لنرد بالمثل. فالحشرات مهما حاولت أن تؤذي، ستظل تافهة، محدودة، لا تملك قيمة حقيقية، أما الجواد الأصيل، فمهما تألم، ينهض شامخًا، لأن أصله ثابت وجذوره ضاربة في عمق الأرض.
الألم لا يدوم، والخذلان لا يُمحى لكنه يتحول إلى درس، أما الكرامة والصدق والنقاء فهي صفات لا يصنعها أحد، بل تولد مع الإنسان وتكبر معه، وتمنحه هيبته وميزانه. التغيير الحقيقي ليس في التخلي عن النبل والطيبة، بل في تعلُّم كيف نحمي أنفسنا دون أن نتحول إلى نسخة مشوهة من الآخرين.
فمن يختار أن يتغير خوفًا من الأذى، يفقد هويته، ويصبح سهل الكسر، يسهل التلاعب به، لأنه بلا جذور، أما من يتمسك بأصالته، فيبقى نادرًا، مميزًا، لا تهزه عواصف الزمن، ولا تنال منه نفوس الحقد.
فكن جوادًا أصيلاً، لا تغيرك الجراح، ولا تُبدّلك خيبات البشر، وابق كما أنت، لأن نقاءك هو ما يميزك، وهو الشيء الوحيد الذي لا يستطيع أحد أن ينتزعه منك