العراق بلد التاريخ والحضارات والإمبراطوريات التي أخضعت جميع دول العالم .. هل أصبحنا ضعفاء وسنترك خور عبد الله يضيع من بين أيدينا

بقلم / أحمد عبد الصاحب كريم
العراق (أرض الرافدين ، بلد السواد ، ميزوبوتاميا) يا لها من اسماء يتردد صداها في أروقة التاريخ كمهد الحضارات والإمبراطوريات التي حكمت العالم من سومر وأكد مرورًا ببابل وآشور وصولًا إلى الكوفة عاصمة الخلافة بزمن الإمام علي (ع) ثم بغداد عاصمة الخلافة العباسية ثم إلى أحفاد ثورة العشرين ، لطالما كان العراق منارة للعلم والمعرفة، وقوة لا يستهان بها. أرض الرافدين هذه شهدت ميلاد أولى (المدونات القانونية ، أولى الكتابات ، أعظم الاكتشافات التي غيرت وجه البشرية) ، ولكن هل هذا التاريخ العظيم والحافل بالقوة والعنفوان يواجه اليوم تحديات تجعله يبدو وكأنه يتلاشى؟ ! هل أصبحنا ، كعراقيين، أضعف من أن نحافظ على ما تبقى من مقدراتنا وثرواتنا وقتنا وتأريخنا ؟ هذا السؤال يطرح نفسه بقوة خاصة مع الحديث المتزايد عن خور عبد الله ومستقبله الغامض
خور عبد الله هذا الممر المائي الاستراتيجي الذي يربط العراق بالخليج العربي الذي تم اكتشافه عام ١٥١٢ من قبل البحار العراقي عبد الله التميمي ، أنه ليس مجرد مياه عابرة بل هو شريان حيوي للاقتصاد العراقي ومنفذه البحري الوحيد تقريبًا، أن فقدان السيطرة الكاملة عليه أو التنازل عن جزء منه يعني خسارة اقتصادية وسيادية لا يمكن تعويضها بل إنها خسارة العظمة والكبرياء والتأريخ والكرامة وخسارة السمعة . إن أغلب التساؤلات حول هذا الملف لا تنبع من فراغ بل من قلق مشروع على مستقبل العراق ومكانته الإقليمية والدولية ، والسؤال هنا لماذا تحركت في هذا الوقت دولة الكويت وحركة أذرعها في العراق والمنطقة لماذا لم تجرء بعد عام ١٩٩٣ بعد ترسيم الحدود عندما كان العراق يعاني من ويلات الحصار وتحت الحكم الدكتاتوري ولماذا لم تقوم بالتحرك بعد عام ٢٠٠٣ لماذا تحركت خلال هذه الفترة بالذات تحركت أذرعها الإعلامية والسياسية كل ذلك له الكثير من التساؤلات منها المستقبل الاقتصادي في حال اكتمال ميناء الفاو الكبير و الربط السككي واعتبار العراق معبر بين آسيا وأوروبا وسيكون شريان اقتصادي كبير سيؤثر على موانئ دول الخليج قطر والإمارات والكويت وسينعش اقتصاد العراق
إن تراجع الدور العراقي والتحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي واجهها خلال العقود الماضية جعل الكثيرين يتساءلون : أين ذهبت تلك القوة التي أخضعت الأمم ؟! هل تحول العراق من صانع للتأريخ إلى متلقٍ للأحداث ؟! ، أم هل سيضيع التأريخ والحضارة في خور عبد الله !!
المسألة ليست فقط في خور عبد الله، بل هي أعمق من ذلك بكثير إنها تتعلق بقدرة الدولة العراقية على حماية سيادتها ومصالحها وشعبها واستعادة مكانتها التي تليق بها كبلد ذي تاريخ عظيم وحضارة عريقة، إن الضعف الحالي إن وجد ليس قدرًا محتومًا ، فالتاريخ يعلمنا أن الأمم تمرض وتتعثر لكنها تنهض من جديد إذا امتلكت الإرادة والعزيمة ، إن التحدي اليوم هو في تكاتف الجهود الوطنية وتغليب المصلحة العليا للعراق على أي مصالح أخرى ، فخور عبد الله وغيره من قضايا السيادة ليست مجرد قضايا حدودية أو اقتصادية بل هي جزء لا يتجزأ من كرامة العراق وهويته كبلد عظيم ، فهل نملك الشجاعة الكافية لاستعادة زمام المبادرة ونثبت للعالم أن العراق بلد التاريخ والحضارات لن يفرط في شبر من أرضه أو قطرة من مياهه ، أم أننا سنقف مكتوفي الأيدي نشاهد تاريخنا يتآكل ومقدراتنا تضيع من بين أيدينا؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن نجيب عليه جميعًا ، ترى هل سيلعننا انبياء الله (عز وجل) إبراهيم الخليل وشيت ونوح وهود وادريس وصالح ويونس والعزير ودانيال وذو الكفل وحزقيال والكثير من أنبياء الله الذي عاشوا ودفنوا في العراق (عليهم السلام) أم هل سيلعننا ملوك وقادة العراق العظيم (حمورابي و نبوخذ نصر و سرجون الأكدي و نارام سين وجلجامش واشور بانيبال واورنمو) إذا فرطنا بأرضنا ومياهنا، فالنحذر نحن كشعب واليحذر جميع السياسيين أن التأريخ لا يرحم ابدآ .