الراهن المغاربي يشتعل: دون الشرط الوطني لا معنى للحرية

كتبت : د ليلي الهمامي
أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة لندن
نتابع بكل اهتمام مجريات الاحداث على الساحة العربية. وبكل تاكيد اللافت في المقام الاول هو مرور غزة والساحه الفلسطينية من الانتداب البريطاني الى الانتداب الامريكي…
دونالد ترامب أعلن نفسه بمباركة عربية، رسميا المفوض لتسيير الشؤون الفلسطينية في غزة، غزة دون حركه حماس، غزة المدمَّرة غزة الجريحة بحصيلة بشرية مفزعة ومفجعة 79.000 فما فوق هو عدد الشهداء… هذا دونما اعتبار الايتام، هذا دونما اعتبار الاعاقة التي تمس تقريبا 25,000 من الاطفال والكهول والشيوخ… وضع فعلا يقود الى الحزن والحسره…حزن وحسرة مقارنة بما كانت عليه الاوضاع قبل 7 اكتوبر…
من النكبة الى النكسة، اعتقد أن العرب تعاقدوا مع الفشل، تعاقدوا معه تحت عناوين مختلفة التسلسل التاريخي كذلك يؤكد انهم لم يتجاوزوا حالة الانهيار الحضاري الذي الم بهم منذ انتقلت الخلافة الى تركيا…
الوضع الراهن يؤكد ان ثمة عطالة في العقل السياسي العربي، اننا نخوض معارك يائسة معاركة تنقلب في نتائجها ضدنا، لان العقل السياسي في شكله الاسلاموي لم ينتبه الى ان الموضوع في فلسطين هو موضوع مقاومة، لكن المقاومة ليست مقاومة سلاح معزول عن مسارات المقاومة… المقاومة الفلسطينية هي مقاومة ديموغرافية ثقافية… هي ان يبقى الشعب الفلسطيني في ارضه وان يستمر في التكاثر، وان يستمر في حفظ هويته وان يستمر في جلب الانتباه الى حقوقه عالميا ودوليا …
هذا ما لم تنتبه اليه البندقية، بندقية حماس وشعار السلاح والمواجهة، شعار يغوي، شعار براق !!! لكن النتائج غير مضمونة… وفي هذا لن نكون عدميين، وفي هذا لن ننفي المساحات التي دشنها 7 اكتوبر او بالاحرى المساحات التي فتحت امام شهداء الشعب الفلسطيني بعد العدوان التصفوي النازي الجديد…
المسالة اننا في كل ما حصل لم نكسب الا تعاطفا قطاع واسع من الراي العام الغربي، اقول قطاع واسع وليس كل الراي العام الغربي … لان اقصى اليمين يكتسح اوروبا حتى امريكا اللاتينية… وان لم يكن في الحكم فهو يهدد الحكم فهو يمارس الضغط.
اذًا، حققنا او حققت القضية الفلسطينية تقدما على مستوى الراي العام الدولي وتصويت الجمعية العامة للامم المتحدة على خيار الدولتين افضل دليل على تقدمنا على هذا المسار… لكن هذا المكسب الهش يبقى معلقا بارادة دولية وارادة امريكية تحديدا، من اجل توفير الشروط الموضوعية لقيام الدولة الفلسطينية… لدينا فقط اعلان نوايا من اغلبية دولية. لكن، ليس لدينا بعد الشروط الموضوعية لتاسيس الدولة.
ضروري ان تكون لدينا رؤية لما بعد حماس رؤية لما بعد الحرب على غزة. وهذه الرؤية لابد من ان تنخرط وان تنزل ضمن حركة تحرر عربي… ضروري ان نؤكد على هذا…
حركة تحرر عربي من امرين: من الاستبداد العقيم، لكن ايضا من تيارات العمالة… وتيارات الالحاق التي لم تنجح الا في اضعاف مناعة الجسد العربي… علينا أن نفكر، علينا ان نبحث تطور العلاقات الدولية، وعلينا ان ننتقي وان نصوت منهج التنمية، لنعلم ولنتمكن من استثمار التناقضات، ولنعلم كيف يمكن لامتنا ان تنهض.
علينا ان ننتبه الى الحراك الشبابي الحاصل في المغرب، وعلينا ان ندرك ان هذا الحراك لن يكون معزولا وليس هو بمعزول عن امال الشباب العربي في الحرية والتقدم…
وعلينا ان نشدد على الشرط الوطني في كل تحرك، على الشرط الوطني في كل ما يمكن ان يطرح على الساحه الشعبية من اصلاحات ومن استحقاقات…
علينا ان نتبه ان دون الشرط الوطني لا معنى للحرية… علينا ان نضغط ان تكون الحرية البوابة الخلفية التي تفتح للاستعمار… الوطن فوق الجميع !!!