تصريح قيادي في حماس يثير جدلاً واسعاً في غزة بعد مقابلة مع شبكة أمريكية

غزة – أثارت مقابلة أُجريت هذا الأسبوع مع المسؤول البارز في حركة حماس، غازي حمد، عبر شبكة CNN الأميركية، موجة واسعة من الجدل والانتقادات في الشارع الغزّي. فقد صرّح حمد خلال المقابلة أن الحركة “لا تتحمل المسؤولية عن تبعات السابع من أكتوبر”، في إشارة إلى العملية التي أطلقت شرارة الحرب الدائرة حالياً.
وجاءت هذه التصريحات في لحظة حساسة يعيشها القطاع، حيث تستمر العمليات العسكرية الإسرائيلية بوتيرة مكثفة، وتتصاعد معها أعداد الضحايا والدمار، فيما يجد المدنيون أنفسهم تحت ضغط إنساني ومعيشي غير مسبوق. بالنسبة للكثيرين من سكان غزة، بدا كلام القيادي بعيداً كل البعد عن معاناتهم اليومية، ما دفعهم للتعبير عن استيائهم عبر أحاديث في الشوارع ووسائل الإعلام المحلية وحتى عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
يقول أحد سكان غزة، وهو أب لأسرة نزحت أكثر من مرة منذ بداية الحرب: “إذا لم تكن القيادة مسؤولة عن النتائج، فمن المسؤول إذن عن حياتنا المدمرة؟ نحن من يدفع الثمن بالدم والدموع، بينما القادة يجرون المقابلات من أماكن آمنة.”
مواطنة أخرى، فقدت منزلها جراء القصف الأخير، اعتبرت أن مثل هذه التصريحات “تعمّق الفجوة بين المواطن والقيادة”. وأضافت: “لا نحتاج لمن ينكر المسؤولية، نحتاج من يقف معنا ويبحث عن حل حقيقي ينهي هذه الحرب.”
التصريحات لم تُثر فقط غضباً عاطفياً، بل دفعت بعض المحللين إلى الإشارة بأن تبرؤ القيادة من المسؤولية يعكس ارتباكاً سياسياً، وربما رغبة في إلقاء اللوم على طرف آخر. إلا أن هذا الموقف، وفق رأي العديد من الغزيين، يضاعف شعورهم بالعزلة ويتركهم أمام واقعهم القاسي بلا سند واضح.
على الأرض، يستمر المشهد الإنساني في التدهور. مئات الآلاف نزحوا إلى الجنوب بحثاً عن الأمان، فيما يعاني من تبقى في الشمال من نقص حاد في المياه والدواء والغذاء. ومع تواصل الغارات الجوية والقصف المدفعي، يعيش السكان في حالة من القلق المستمر والخوف على مصير أبنائهم. وفي ظل هذه الظروف، يصبح الخطاب السياسي أكثر حساسية، إذ يمكن أن يخفف من معاناة الناس أو يزيد من شعورهم بالخذلان.
الغزيون الذين تابعوا المقابلة تساءلوا بمرارة: “إذا لم تكن القيادة مستعدة لتحمّل مسؤولية قراراتها، فلماذا نحن مطالبون وحدنا بالصمود؟” البعض ذهب أبعد من ذلك، مطالباً بضرورة أن تتحرك القيادات بسرعة للبحث عن مخرج سياسي يوقف الحرب، بدلاً من الاكتفاء بتصريحات إعلامية تزيد الغضب الشعبي.
المشهد في غزة اليوم لا يقتصر على الدمار المادي فقط، بل يتعداه إلى أزمة ثقة بين الجمهور وقيادته. ومع تزايد القصف وفقدان الأمل بحل قريب، يبدو أن الفجوة بين الطرفين مرشحة للتسعير أكثر، ما لم تُتخذ خطوات عملية لتغيير هذا الواقع القاتم.
وفي نهاية المطاف، يبقى السؤال الذي يردده الكثيرون في الشارع الغزّي قائماً: “من سيحمي المدنيين إذا رفعت القيادة يدها عن المسؤولية؟ ومن سيعيد لنا حياتنا الطبيعية إذا استمرت هذه الحرب بلا نهاية؟”