انقذوا ممثل بابل

لم يكن أكثر المتشائمين يتوقع أن يصل نادي القاسم إلى هذا المشهد المؤلم. نادٍ كتب في الموسم الماضي واحدة من أجمل حكايات دوري نجوم العراق، وقهر فرقًا جماهيرية عريقة، وفرض نفسه رقمًا صعبًا في المنافسة، قبل أن ينهي الموسم في المركز العاشر بكل جدارة واستحقاق.
اليوم، يقف القاسم في قاع جدول الترتيب، لا بسبب عجز فني بقدر ما هو نتاج إهمال إداري ومالي واضح. الإشارة الأولى للانهيار بدأت مع تسريح أبرز لاعبي الفريق ونجومه الذين شكّلوا عموده الفقري في الموسم الماضي، دون إيجاد بدائل حقيقية، ليفقد الفريق هويته الفنية واستقراره داخل الملعب.
مشهد مباراة القاسم أمام نادي الكهرباء كان صادمًا بكل المقاييس؛ فريق يدخل اللقاء بثمانية لاعبين فقط، ثم يتعرض أحدهم للإصابة، ليُضطر الحكم إلى إنهاء المباراة قبل وقتها القانوني لعدم اكتمال العدد، رغم أنها كانت تسير فعليًا بفوز الكهرباء بهدفين دون مقابل. مشهد عبثي لا يليق باسم نادٍ يمثل محافظة كاملة، ولا بمسابقة بحجم دوري نجوم العراق.
القاسم بات فريقًا مثقلًا بالديون، بلا رواتب منتظمة للاعبين، وبلا مقومات حقيقية للاستمرار. خسارات تتوالى، لا لأنها نتيجة أداء سيئ فحسب، بل لأنها ثمرة مباشرة لغياب التخطيط، وتسريح النجوم، وغياب الدعم والاستقرار الإداري. فريق ينافس في أعلى بطولة كروية عراقية، ومع ذلك يُترك وحيدًا في مواجهة المجهول، ومعه تُترك فرق الناشئين والشباب التي تمثل مستقبل الكرة في المحافظة.
لم تعد كرة القدم مجرد لعبة، بل أصبحت متنفسًا حقيقيًا لشباب العراق، ومسؤولية الحفاظ عليها لا تقع على عاتق إدارات الأندية وحدها. من هنا، تُوجَّه الرسالة بوضوح إلى محافظ بابل السيد عدنان الدليمي، الذي كان في الموسم الماضي داعمًا حقيقيًا للفريق، واليوم تقع على عاتقه مسؤولية أكبر في إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان.
كما تُوجَّه الدعوة إلى الاتحاد العراقي لكرة القدم، وإلى المسؤولين والخيرين من أبناء الحلة الفيحاء، للوقوف مع فريق محافظتهم في هذه المرحلة الحرجة. فما زال المشوار في بدايته، لكن الاستمرار بهذا النهج سيحوّل قصة نجاح ملهمة إلى حكاية انهيار مؤلمة.
نادي القاسم لا يحتاج إلى وعود جديدة، بل إلى قرارات عاجلة، ومعالجة مالية حقيقية، ودعم فعلي يعيد له توازنه، ويحفظ مكانته، ويصون أحلام لاعبيه وجماهيره، قبل أن يُطوى هذا الاسم الكبير في صفحات الإهمال.



