مقالات

بين السلطة والاختصاص الرأي المهني موقف لا يساوم عليه

بقلم: الإعلامية سجى اللامي

في أي بيئة عمل لا تختبر المسؤولية بالمنصب ولا بالصفة بل بطريقة إدارة الرأي، واحترام الاختصاص، والقدرة على التفريق بين ما هو مهني وما هو شخصي فالمسؤولية الحقيقية لا تعني فرض القرار بل تعني فهم طبيعة العمل ومن يعملون فيه،وعندما نتحدث عن المختص، فإن المقصود هو ذلك الشخص المتمرس بالعمل بشكل مهني، الذي يفهم طبيعة ما يمارسه ويدرك قالب العمل وتفاصيله الدقيقة لا من يكتفي بالصفة أو بالموقع دون خبرة حقيقية فالمعرفة هنا ليست ادعاءً، بل ممارسة متراكمة وفهماً عميقاً.
هناك نموذج لمسؤول يبدو هادئاً في تعامله متزناً في لغته، لكنه في العمق يمارس نوعاً من الاستبداد الصامت، يصر على رأيه،ويفرض قراراته بوصفها نهائية، لا لأنها صحيحة مهنياً بل لأنها صادرة عنه، هذا الأسلوب لا يصنع انضباطاً، بل يخلق بيئة ضغط وصمت، حيث يتراجع الأداء وتقصى الكفاءات
في المقابل، يقف الفرد المهني وهو مدرك أن العمل ليس ملكاً لأحد، وأن المسؤوليات تتغير، بينما يبقى الأثر، هذا الفرد لا يعمل بدافع التحدي، ولا يسعى لإثبات تفوقه على الآخرين، بل يدافع عن حقه في ممارسة اختصاصه دون تدخلات غير مبررة،هو لا يرفض التوجيه، لكنه يرفض أن يتحول الرأي الشخصي إلى قرار ملزم، خاصة حين يصدر من غير المختص،
الشجاعة هنا هي في وضوح الموقف بكل مهنية، في أن تقول إن القرار يجب أن يبنى على معرفة، لا على سلطة، وأن الاحترام لا يفرض، بل يكتسب من خلال العدالة المهنية، والاستماع، وإشراك أصحاب الاختصاص في الرأي،
المسؤول المهني هو من يدير فريقه بعقل منفتح، ويعرف أن اختلاف الآراء لا يهدد موقعه، بل يعززه. أما المسؤول غير المهني، فيرى في كل رأي مخالف تهديداً، وفي كل نقاش تقليلاً من شأنه، فيلجأ إلى الحسم الفردي بدل الحوار،
يبقى الفرق واضحاً بين من يقود بالخبرة، ومن يسيطر بالموقع. وبين من يحمي الاختصاص، وبين ومن يضيق عليه،وفي هذا الفرق، يتحدد مصير أي عمل: إما أن يتقدم بثقة، أو يتراجع تحت وطأة رأي واحد لا يقبل النقاش،
في النهاية، الرأي المهني ليس تمرداً، بل مسؤولية. والوقوف أمام أي قرار غير مهني، مهما كان مصدره، ليس قلة احترام، بل حفاظ على جوهر العمل، فالأعمال لا تنهض بالصمت، بل بالصدق، ولا تستمر بالفرض، بل بالشراكة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى