المغرب: صدمة إثر مقتل الشابة حياة في البحر وسط تفشي إشاعة "فونطوم"

مصدر الصورة
Getty Images
أثار مقتل شابة مغربية بعد أن فتحت قوات البحرية الملكية المغربية النار على قارب هجرة متجه نحو إسبانيا، ضجة كبيرة في الشارع المغربي.
وكانت “حياة” في مطلع العشرين من عمرها، طالبة جامعية تعيش مع أسرتها في حي شعبي في مدينة تطوان، وكانت معيلة لأسرتها، وفقا لتقارير صحفية محلية.
ووفقا للرواية الرسمية يوم 25 أيلول/ سبتمبر، قالت السلطات المحلية إن وحدة قتالية تابعة للبحرية الملكية المغربية أطلقت النار على قارب سريع تجاهل تحذيراتها وكانت الشابة حياة على متنه.
وأضافت السلطات أن القارب “كان يقوده مواطن يحمل الجنسية الإسبانية” وأن المعلومات الأولية أشارت إلى أن الركاب كانوا “مهاجرين غير شرعيين محتملين”، حسب وكالة الأنباء المغربية.
وتقول خديجة الرياضي، الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، لبي بي سي: “اعتدنا أن تتصدى دول أوروبية لوصول المهاجرين إلى شواطئ أوروبا، لكن أن تقوم سلطات بلدنا بقتل مواطنينا وهم يحاولون الهجرة فهذا أمر غير مقبول نهائيا”.
وطالبت بإجراء محاكمات عادلة و”عدم الإفلات من عقاب” المسؤولين عن مقتل الشابة.
وأدى إطلاق النار على المركب إلى مقتل الشابة حياة، وإصابة ثلاثة آخرين كانوا على متن الزورق. وحضر ممثلو السلطات المحلية جنازة “حياة” يوم 26 أيلول/ سبتمبر.
“القوارب الخفية“
فور الإعلان عن مقتل حياة، ظهرت حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تندد باستخدام الرصاص ضد قارب المهاجرين، وتتحدث عن سوء الوضع الذي يدفع شباب البلد للمخاطرة وركوب البحر. واستخدم هاشتاغ “بأي ذنب قتلت”، وآخر عنوانه “كلنا حياة”.
ولكن بالتزامن مع ذلك ظهرت رواية تتحدث عن ظاهرة “فونطوم” – أي القوارب الخفية.
وكانت قد انتشرت مؤخرا في المغرب إشاعة تتعلق بـ “القارب الخفي” (أو ما يعرف محليا بـ فونطوم) حيث تروج صفحات على فيسبوك لقوارب تقول إنها تقل مغاربة “مجانا” نحو أوروبا، ما دفع عشرات الشبان للاتجاه نحو مدن طنجة والناظور وتطوان الشمالية.
وتحدثت حنان رحاب، الصحفية والنائبة من حزب الاتحاد الاشتراكي، لبي بي سي عن ظاهرة “مخطط لها بشأن الهجرة السرية” من شمال المغرب.
وقالت: “خلال الأسابيع الأربعة الماضية بدأت الظاهرة تنتشر بشكل كبير في شواطئ شمال المغرب”.
وأضافت أن الجديد هو نشر صور عائلات مغربية مهاجرة – وليس فقط أفرادا مهاجرين – قائلة إن الهدف هو ربطها بصور هجرة العائلات السورية نحو أوروبا “للإيحاء بان المغرب بلد غير مستقر”.
وأوضحت أن هجرة الشابات سرا ليست بالظاهرة الجديدة فهي مألوفة منذ الثمانينيات.
كما قالت الحقوقية خديجة الرياضي إن هجرة الشابات إلى إسبانيا، وأوروبا عموما، أمر معتاد حتى أن بعض الأزواج يبقون في المغرب في حين تسافر الزوجة إلى أوروبا للعمل وإعالة الأسرة.
وكان “مصدر مقرب” من عائلة الشابة قد قال لموقع “اليوم 24″ المغربي إن والدة “حياة” تعمل في معمل لتصنيع السّمك، بينما والدها شبه عاطل عن العمل، وكانت “حياة” تطمح للهجرة إلى إسبانيا ومنها إلى مدينة أوروبية أخرى لمساعدة عائلتها ماديا.
مصدر الصورة
Valery SharifulinTASS via Getty Images
شمال مضطرب
وأحيا الحادث الجدل المعتاد والسائد في المجتمع والإعلام المغربي حول قضية الهجرة، والتفاوت في النمو الاقتصادي بحسب الأماكن الجغرافية في البلاد، والتباين في وضع الخدمات العامة بين مناطق المغرب، إلى جانب موضوع السياسات الأمنية والعلاقات مع أوروبا.
وقالت الحقوقية خديجة الرياضي إن الفقر وسوء الوضع الاقتصادي ليس وحده وراء دفع الشباب والشابات نحو أوروبا، بل إن الهجرة سببها أيضا “الهرب من واقع القمع وغياب الحرية”.
وقالت النائبة حنان رحاب إن هناك اليوم “حالة توجس” بين المغاربة بعد حادث مقتل الشابة حياة، وألقت باللوم على “حرب إعلامية تدار عبر مواقع التواصل الاجتماعي تبث الإحباط وتشيع حربا نفسيا وتنشر التذمر حول وضع معين” بين الناس.
وفي أواخر عام 2016، اندلعت احتجاجات حاشدة في منطقة الريف مركزها مدينة الحسيمة، عرفت باسم الحراك، احتجاجا على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بعد مقتل بائع سمك يدعى “محسن فكري” داخل شاحنة قمامة بينما كان يحاول استعادة سمكه الذي صادرته الشرطة.
وفي نهاية يونيو/حزيران الماضي، أصدرت محكمة مغربية حكما بالسجن 20 عاما على ناصر الزفزافي، قائد ورمز الحراك في الحسيمة.
وكانت تلك المظاهرات، إلى جانب الاحتجاجات التي نظمت في مدينة جرادة أوائل 2018، هي الأضخم منذ الاضطرابات التي وقعت عام 2011، ودفعت حينها الملك إلى تفويض بعض سلطاته إلى برلمان منتخب.
——-
شارك في الكتابة محمد الأعسر من قسم المتابعة الإعلامية – بي بي سي