مقالات
القضاء كما عهدناه

هادي جلو مرعي
يسير القضاء العراقي بخطى ثابتة رغم محاولات النيل منه بوصفه الركيزة الأساسية في بناء دولة المؤسسات حيث ينهج بإسلوب قانوني صريح ويعمل وفق معايير مهنية واضحة منذ أن وضع القاضي الدكتور فائق زيدان رؤية عملية وعلمية لطبيعة الهيكلية الادارية وتطبيق مفردات البرنامج الذي إعتمده لتخفيف معاناة المواطنين ودعم المؤسسات لتحافظ على استقلاليتها وتؤدي الدور المنوط بها، ويتصل عمل القضاء بتفاصيل الحياة اليومية للناس وللدولة ومؤسساتها وبتطوير الكفاءات والقدرات واستخدام التقنيات وقد حقق القضاء العراقي الكثير من المنجزات على صعيد محاربة الفساد واستغلال السلطة والنفوذ وإسترجاع الأموال العامة التي سربت خارج البلاد. اضافة الى استرداد مليارات من الاموال في الداخل والخارج. وقد تابعنا عمل محكمة الكرخ الثانية في استرداد تلك الاموال ومثل ذلك ردعا لكل من تسول له نفسه العبث بالمال العام ومصالح المجتمغ وتظهر وسائل الاعلام يوميا تلك الاجراءات وقوتها وتأثيرها عدا عن دور حيوي في حماية المجتمع وملاحقة العابثين والقضايات المرتبطة بالمخدرات والجريمة المنظمة وهو مايبعث الامل في النفوس بنجاح تلك التجربة الرائدة وأثرها في بناء الدولة.
هناك مجموعة رائعة من القضاة الذين أپلوا بلاءا حسنا في مواجهة المفسدين والمنحرفين والذين استغلوا بعض الفراغات او كسل المؤسسات ليحققوا مكاسب غير مشروعة أو ينهجوا نهجا معوجا لايلتقي وطموح بناء الدولة الحديثة، ودفع القضاء العراقي ثمنا من التضحيات في مدد زمنية ومراحل مختلفة بعد أن ورث صعوبات وتعقيدات وحاول البعض الدفع بإتجاه جعل القضاء ساحة صراع بينما حافظ على مهنيته واستقلاليته ، وعمل مع الفاعل الوطني من أجل ضبط ايقاع الدولة ومؤسساتها ووجودها ومنع اي سلوك يعمل بالضد من المؤسسات القانونية ويركز على مصالحه الفئوية والحزبية التي تضعف عمل الدولة.
في الفترة الأخيرة برزت مشاكل صعبة تتعلق بحرية التعبير وقضايا سياسية وقضايا فساد واستغلال للدعايات الانتخابية بطرق مخالفة للقانون، وركز القضاء على ضمان ممارسة الحقوق الطبيعية للمواطنين دون التهاون في القضايا التي تمس كيان الدولة والمجتمع ولعل واحدة من القضايا اللافتة التي تابعنها خلال اليومين الماضيين قيام القضاء بتوقيف شخص يقدم وعودا زائفة بالتعيين في وظائف حكومية لإستجلاب مساندة البعض في الانتخابات البرلمانية المقبلة وجرى التأكد من زيف وخداع هذا الشخص الذي خضع للمساءلة القانونية واستجوب قضائيا ودفع ثمن ذلك وهو دور مهم يشير الى ان القضاء يتابع الصغير والكبير من الامور ويمنع ذهابها الى مايخالف القانون والمعايير الطبيعية في إدارة الدولة.
القضاء العراقي بقيادته المهنية ونخبة من القضاة الكبار الرائعين قدم مثلا عظيما في الشجاعة والقدرة على ملاحقة القضايا الصعبة والمعقدة وحسمها ووقف من يريد تعطيل الحياة عند حده، وهو امر ينبغي أن نلتفت إليه لنعطي من يعمل بصدق مايستحق من الدعم والحماية والمساندة..



