مقالات


بعد الضربة الأمريكية للمفاعلات الإيرانية… هل آن أوان الحل الدبلوماسي؟

بقلم المهندس رسول العذاري

وأخيرًا، حدث ما كانت تخشاه المنطقة: أمريكا تدخلت عسكريًا بشكل مباشر في الحرب بين إسرائيل وإيران، مستهدفة المفاعلات النووية الإيرانية عبر طائرات الشبح وصواريخها الدقيقة. هذا التطور ينذر بتوسّع غير مسبوق في رقعة الصراع، ويُنذر بمرحلة جديدة قد تخرج عن السيطرة إذا لم يتم كبح جماح التصعيد.

لا شك أن الولايات المتحدة تملك ترسانة عسكرية هائلة لا تضاهيها أي قوة أخرى، من حيث الدقة، والقدرة التدميرية، والتقنيات الفائقة. وقد أثبتت ذلك في تدخلها الأخير. لكن القوة وحدها ليست مقياسًا للحكمة أو الشرعية الأخلاقية. فحين تستخدم هذه القوة دون مشروع سياسي واضح أو أفق للحل، تتحول إلى عبء استراتيجي على أصحابها، وتُغرق الجميع في مستنقع لا نهاية له.

من هنا، وباعتبار أمريكا أكبر قوة دولية يفترض أنها تسعى لحفظ التوازنات العالمية، فإن المطلوب الآن ليس المزيد من الضربات، بل إعادة ضبط البوصلة نحو المسار الدبلوماسي. المطلوب ليس إذلال إيران أو إجبارها على الركوع، بل دفعها إلى طاولة التفاوض بصيغة تحفظ لها هيبتها وكرامتها، كي لا يُنظر إليها كطرف مهزوم، بل كشريك في إنهاء الأزمة.

إن إيران ليست دولة ضعيفة أو معزولة، بل هي قوة إقليمية لها حساباتها وتحالفاتها، وقدرتها على الرد والتصعيد، وإنْ بثمنٍ باهظ. ولذلك، فالحل لا يكون في تدمير المفاعلات فقط، بل في صياغة خطاب سياسي ذكي يُفتح من خلاله باب المفاوضات، لا على أساس الهزيمة، بل على أساس التهدئة المتبادلة والمصالح المشتركة.
وفي حال تعذّر أن تكون أمريكا هي صاحبة هذا الخطاب، فمن الممكن أن تلعب دولة أخرى دور الوسيط النزيه: كالصين، أو تركيا، أو حتى دولة عربية خليجية قريبة من الطرفين. الشرط الوحيد هو أن يكون الخطاب عقلانيًا، قائمًا على حفظ ماء وجه جميع الأطراف، كي لا تتحول الكارثة إلى نكبة إقليمية شاملة.
الشرق الأوسط يقف على حافة الانفجار، والفرصة الأخيرة للسلام تمرّ الآن من ممر ضيق اسمه “الحكمة”. فهل من يسمع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى