لماذا يستمع الكبار للصيصان؟

كتب / جعفر العلوجي
في زمنٍ اختلطت فيه الأصوات ، لم يعد صوت الديك يوقظ النائمين ، بل صار يُقاطع بوقاحة من زقزقة صوصٍ صغيرٍ خرج تواً من البيضة وهو يعتقد أن الكون ينتظر تحليلاته .
الكبار أولئك الذين كانت تُصفَّر آذانهم من صراخ الجماهير صاروا فجأة يستمعون إلى “الصيصان” لا لأن الصيصان اكتسبت الحكمة ، بل لأن الديوك أنفسهم بدأوا يُغرّدون كالعصافير في حضرة أصحاب القرار .
صار الصوص لا يتكلم إلا في الميكروفون ، ويُنصت له الوزراء والمسؤولين بمختلف مسمياتهم والنخب ، لأن الصوص عنده متابعون أكثر من الديك ! الديك يعرف الأذان ، لكن الصوص يعرف الترند والناس تريد الترند .
أما الصيصان فقد تعلمت اللعبة سريعًا لا حاجة أن تكون لك خبرة فقط أطلق صوتًا عاليًا ، كرر ثلاث كلمات بلا معنى ، حرّك جناحيك وارفع حاجبيك وستجد أن مسؤولا كبيرًا يهز رأسه إعجابًا وكأنه سمع فولتير يتحدث .
الكارثة ليست في الصوص ، بل في من جلس يستمع له وهو يمضغ الحكمة القديمة بأسنانه الاصطناعية ويقول “دعوه يتكلم فيه نَفَس المستقبل!”.
وهكذا ، غابت لغة الحقول، وساد منطق الحاضنات ، وصار الصوص هو الخبير ، والدجاجة هي المحللة والديك في عطلة طويلة بلا أجر .