مقالات

عَصَبوها برأس الاعلام



قاسم حسون الدراجي

لايمكن نجاح اي عمل وصوله الى الاهداف المرسومة مالم يكن للاعلام دوراً في تسليط الاضواء على النواحي والنتائج الايجابية فيه وتشخيص مكامن الضعف والحالات السلبية لتجاوزها وتصحيحها للخروج بنتائج افضل في المراحل الاخرى اللاحقة , وبما ان الصحافة والاعلام (مهنة المتاعب ) كما يطلق عليها فانها في العراق تجاوزت المتاعب ووصلت الى القضاء والدعاوى الحكومية والى التهديد والى قطع الارزاق , واصبح الاعلام الرياضي كالسمك (ماكول مذموم ) ففي تحقيق الانجاز يكرم الرياضيون وتبعث لهم برقيات التهاني ويستقبلون بالورود والاغاني الوطنية وتصلهم المكارم والهدايا من كل حدب وصوب , ولايحظى الصحفي والاعلامي بكلمة شكر او تقدير لامن الجهات الحكومية ولامن مؤسسته التي يعمل بها ولايسمع سوى عبارة (هذا واجبك ) وكأن اللاعب والمدرب يعمل (سخرة ) ولايتقاضى راتباُ او عقداً مالياً وامتيازات يسيل لها لعاب الصحفي المسكين الذي ينطبق عليه شعار اول من يضحي واخر من يستفيد بل (اول من يضحي ولايستفيد اصلاً !) .
ولكي لا ازيد في طرح معاناة الصحافة والاعلام الرياضي فـسأكتفي بتناول قضية واحدة حدثت مؤخراً وصارت حديث الساعة والشغل الشاغل للجميع بعد ان سيطرت ظاهرة (العقل الجمعي ) هي أحد أشكال الانصياع والإذعان فعندما يفقد الفرد قدرته على اتخاذ موقف من أمر معين يلجأ إلى الآخرين بحثاً عن مؤشرات وعن القرار الصحيح والموقف المناسب بسبب التأثير الاجتماعي المعلوماتي, والقضية تتجلى في القاء مسؤولية اخفاق المنتخب الوطني في نهائيات اسيا على الاعلاميين والصحفيين الذين حظروا المؤتمر الصحفي للمدرب كاساس بعد خسارة الفريق امام الاردن وانسحابهم من قاعة المؤتمر مع استهجان وغضب من بعض الزملاء بسبب (تجاهل ) المدرب كاساس لأسئلتهم والاجابة بطريقة غير لائقة وبتكبر وتعالى , محملاً اياهم مسؤولية الخسارة والخروج المفاجيء من البطولة والذي اثار حزن شديد بنفوس الصحفيين مثلما هو الحال مع جميع العراقيين , ولكن الأمر لم ينتهي عند خروج الاعلاميين من المؤتمر الصحافي بل اتسع بشكل كبير وتضخم بطريقة (ذكية ) لتغيير الانظار عن اسباب الفشل والخسارة وتحويلها الى الاعلامي والصحفي , وحين وجد كاساس ضالته في الاعلام راح يهدد الاتحاد والجماهير الرياضية بالاستقالة والذهاب الى اسبانيا وامكانية عدم العودة لبغداد كجزء من (السيناريو ) الذي كتب له بأسلوب فني دراماتيكي يعجز عن كتابته احسان عب القدوس ونجيب محفوظ!
ولتكتمل فصول الرواية الى النهاية التي يرغب بها اتحاد الكرة و(السيد الرئيس ) فان القضية تطورت بشكل اكبر ووصلت للقضاء الذي اصدر امرأ بالقاء القبض على هؤلاء (المجرمين ) بعد ان راح العقل الجمعي )ينقل الرواية عبر صفحات وبرامج (مدفوعة الثمن ) وطالب البعض بأنزال اقصى العقوبة بحق الصحفين والاعلاميين الذين شاركوا في (جريمة القرن ) فصدرت بيانات الشجب والاستنكار من بعض المؤسسات وربما نسمع خلال اليومين المقبلين عن بيان من الامين العام لهيئة الامم المتحدة الذي يعرب فيه عن (قلقه ) ازاء انسحاب الاعلاميين العراقيين من قاعة المؤتمر .
اخر السطور .. المدرب كاساس الذي امتنع عن الاجابة لسؤال الاعلامي العراقي كان قبل يومين من اقامة المؤتمر في ضيافة برنامج (المجلس ) عبر قناة الكأس مصطحباً كادره التدريبي المساعد وعوائلهم , واجاب عن جميع الاسئلة التي طرحت عليه بكل رحابة صدر وابتسامة وفخر علما انه المدرب الوحيد الذي حضر للمجلس من بين 24 مدرباً شارك في البطولة ! .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى