«أنت سمائي».. عمل فني يحاكي الحنين الإنساني في معرض الدهمش

الاحساء / زهير بن جمعة الغزال
شهدت الساحة الفنية انطلاقة مميزة مع افتتاح المعرض التشكيلي الخامس للفنانة المميزة والمتالقة الأستاذة – فاطمة بنت إبراهيم الدهمش، تحت عنوان «افتح عين الجمل»، في قاعة نايلا للفنون بمنطقة الرياض لم يكن المعرض مجرد حدث اعتيادي، بل جاء كتجربة متكاملة امتدت جذورها بين عامي 2018 و2023، لتقدم من خلالها الفنانة مشروعًا بصريًا وروحيًا عميقًا، يربط بين الهوية الخليجية والرمزية الفلسفية في ثوب تجريدي معاصر.
استحوذ اللون الأزرق على مساحة واسعة من لوحات المعرض، ليعكس ما يحمله من دلالات روحية ترتبط بالسماء والبحر والفضاء المفتوح، وهو اللون الذي وظفته الدهمش كجسر يصل بين العالم المادي والعالم الوجداني، هذا الاختيار لم يكن عشوائيًا، بل يعكس فلسفة الفنانة في البحث عن الصفاء والعمق، حيث شكّل الأزرق عندها بوابة الروح التي عبرت منها إلى عوالم أوسع من حدود اللوحة.
إلى جانب الألوان، استعانت الفنانة بخيوط الخيش والمنسوجات والورق، لتجعل منها عناصر حية تستحضر الذاكرة الشعبية وتستدعي الروابط الأسرية التي طالما كانت جزءًا أصيلاً من البيئة الخليجية، وبهذا الطرح، قدّمت الفنانة التشكيلية الدهمش رؤية جديدة للفن التشكيلي بوصفه ليس مجرد لوحة تُعلّق على جدار، بل مساحة لتوثيق الحكايات الإنسانية والذاكرة الجماعية.
من بين الأعمال التي شكّلت علامة فارقة في المعرض جاءت لوحة «أنت سمائي»،
التي حملت تجربة شخصية للفنانة جسّدت فيها رحلة الفقد والحنين، اللوحة تميزت بقدرتها على التعبير عن المشاعر الإنسانية بعمق شديد، ما جعلها محورًا لتفاعل الجمهور الذي وجد فيها انعكاسًا لقصصه الخاصة وتجارب حياته .
وقد وصفها بعض النقاد بأنها «أيقونة وجدانية» داخل المعرض.
المعرض لم يكن مجرد عرض صامت للوحات، بل تحوّل إلى فضاء حوار ثقافي وفني، حيث دارت نقاشات معمقة بين الزوار من نقاد وصحفيين وفنانين حول معنى الرمزية في التجريد، وكيف استطاعت الفنانة التشكيلية الدهمش أن تُدخل المتلقي في حالة من التأمل الداخلي .
الحضور اللافت للشخصيات المرموقة، من بينهم منسوبو السفارة الإماراتية في مملكتنا العزيزة والغالية ، منح المعرض بعدًا رسميًا وثقافيًا يعكس قيمة التجربة ومكانتها في المشهد التشكيلي الخليجي والعربي.
عدد من النقاد أكدوا أن أعمال الفنانة التشكيلية الدهمش تشكل إضافة نوعية للفن الخليجي بفضل قدرتها على المزج بين الموروث والحداثة، معتبرين أن استخدام الخامات الشعبية إلى جانب اللغة التجريدية المعاصرة يمثل جرأة فنية تستحق التقدير .
بينما ذهب آخرون إلى وصف أعمالها بأنها جسر يصل بين الأجيال، حيث تستحضر الماضي وتعيد صياغته برؤية حديثة تجذب المتلقي العربي والأجنبي على حد سواء.
الفنانة فاطمة الدهمش أوضحت في حديث جانبي أن معرض «افتح عين الجمل» ليس مجرد تجربة تشكيلية، بل هو محاولة للإجابة عن أسئلة داخلية عميقة حول العلاقة بين الإنسان وذاكرته، وبين الروح والأرض، مؤكدة أن الفن بالنسبة لها هو حالة وجودية تعبر بها عن ذاتها وعن المجتمع في آن واحد.
بهذا المعرض، تؤكد الدهمش أن الفن التشكيلي قادر على أن يكون أداة للتعبير والبوح ووسيلة لإحياء القيم الثقافية وإعادة تقديمها بلغة عالمية يفهمها الجميع .
ويعد «افتح عين الجمل» محطة مهمة في مسيرتها، ورسالة واضحة بأن المرأة قادرة على أن تترك بصمتها في المشهد الفني الخليجي والعربي .


